
الحكم الكوتي لبلاد وادي الرافدين(2250-2130 ق.م) دراسة نقدية للنصوص المسمارية
Author(s) -
Mohammed Salih Taib
Publication year - 2021
Publication title -
maǧallaẗ ǧāmi'aẗ duhūk
Language(s) - Arabic
Resource type - Journals
eISSN - 2521-4861
pISSN - 1812-7568
DOI - 10.26682/chjuod.2021.24.1.8
Subject(s) - environmental science , materials science
تستهدف هذه الدراسة تغيير الفكرة السائدة لدى العديد من الباحثين كما ظهرت من خلال بحوثهم ومؤلفاتهم، بأن العصر الكوتي عبارة عن فترة مظلمة في تاريخ بلاد وادي الرافدين(العراق) وأن عملية البناء الحضاري قد توقفت ووصفوا الكوتيين بالهمجية لأنه حسب رأيهم كانوا السبب في شيوع الفوضى وفقدان الأمن والإستقرار في البلاد. وقع اولئك الباحثون من العرب والاجانب تحت تأثير الكتابات المسمارية التي دونها السومريون عنهم؛ التي وصفتهم بالأعداء ولقبوهم بعقارب وثعابين الجبال وأتهموهم بأخذ الملوكية(نظام الحكم السومري) إلى الجبال. كما أن اولئك الكتاب والباحثين نظروا إلى الكوتيين بمنظار الحاضر ودفعت بهم ثقافتهم المحلية إلى اعتبار الكوتيين غزاة اجانب جاؤوا من خارج بلاد سومر، لذا ينبغي مقاومتهم وطردهم، حتى ان الباحث الدكتور فاضل عبدالواحد يسمي جلاء الكوتيين عن بلاد أكد (وسط العراق) وبلاد سومر (جنوب العراق) إلى الشمال من مرتفعات حمرين ومنطقة كركوك، بعد تعرضهم لضغط السومريين، بحرب التحرير، علماً أن الكوتيين هم من سكان بلاد وادي الرافدين، عاشوا في المنطقة الواقعة بين نهري الزاب الصغير غرباً وديالى شرقاً، كما عاش إلى جوارهم اللوبيون في منطقة شهرزور. تحاول هذه الدراسة تصحيح مسار الأحداث التاريخية إستناداً إلى تحليل النصوص المسمارية والإعتماد على اراء بعض الباحثين المنصفين ومنهم الدكتور إبراهيم شريف في كتابه: "موقع العراق الجغرافي وأثره في تاريخه، القاهرة 1964" الذي إعتمد على المعطيات الجغرافية والبيئية مبيناً تأثيرها على سير الأحداث التاريخية، فضلاً عن دراسات الدكتور جمال رشيد عن الكرد عبر العصور القديمة. سيتضح اثناء الدراسة بأن سبب شيوع الفوضى وفقدان الامن والإستقرار في بلاد وادي الرافدين في اوائل العهد الكوتي يرجع إلى السياسة الخاطئة التي أتبعها ملوك الدولة الأكدية، الذين إستغلوا موارد البلاد لا من أجل البناء الحضاري، بل من أجل شن الحملات العسكرية ضد البلدان والمناطق المجاورة وإستعباد سكانها وإستغلال مواردها مثل بلاد عيلام وكردستان وسوريا، فضلاً عن قضائهم على الإستقلال الذاتي لدول المدن السومرية وهدم أسوارها والتطاول على معابد الالهة وأملاكها، مما أدى إلى إرتباك الوضع الداخلي وتمرد المدن السورية ضد السلطة، فساد الفوضى في البلاد قبل تسلم الكوتيين زمام السلطة في بلاد وادي الرافدين بعشرات السنين. سوف تتناول الدراسة طبيعة الحكم الكوتي وسياسة ملوكهم ومدى تأثرهم بحضارة وادي الرافدين ثم تعاونهم مع الأكديين والسومريين، لإدارة البلاد، بعد أن منحوهم نوعاً من الحرية في إدارة مدنهم ومناطقهم، مقابل إعترافهم بسلطة الملك الكوتي ودفع الأتاوة إليه. أدت السياسة التي أتبعها الكوتيون مع سكان بلاد وادي الرافدين إلى سيادة الإزدهار الإقتصادي خلال بعض فترات حكمهم وإنتعش إقتصاد البلد. تمثل ذلك الإزدهار بشكل جلي في عدد من المدن السومرية مثل أوما وأور وأريدو ولطش والوركاء. فاقت مدينة لطش في إزدهارها المدن السومرية الاخرى ومارست التجارة مع بلاد عيلام ومنطقة الخليج وكركوك بعد أن نجح الكوتيون في فرض الإستقرار والسيطرة على الطرق التجارية.