الاستدراكات والتعقبات في تفسير جامع أحكام القرآن على المحرر الوجيز سورة البقرة انموذجا

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه حماة الدين أجمعين.  وبعد : فقد عدّ العلماء الاستدراك والتعقب نوعاً من أنواع التأليف والتصنيف ، ودأب كثير منهم قديماً وحديثاً على أن يتتبعوا كتب من سبقهم بالدراسة والسبر ، فالباحث قد يلاحظ أن أحد المفسرين يتعقب كثيرا مفسرا بعينه ويستدرك عليه ويناقشه وينبه على خطئه ، والاستدراك والتعقب لا يقتصر على التفسير وحده وإنما يشمل جميع العلوم والفنون .  وفكرة هذا الموضوع تقوم على جمع هذه الاستدراكات في مكان واحد وترتيبها، ولاشك أن مثل هذا البحث والدراسة له أهمية كبيرة في الاطلاع على الآراء المختلفة وبيان الرأي الصحيح والصائب منها ؛ وبذلك تظهر أهمية هذه الدراسات. وقد أخذت انموذجاً على هذه الاستدراكات فكان القرطبي وابن عطية الأندلسي موضع هذه الدراسة،  ينتمي المؤلفان إلى مذهب فقهي واحد وهو المذهب المالكي ولكنهما يختلفان من حيث المنهج فابن عطية لم يتوسع مثل توسع القرطبي في تفسير آيات  الأحكام والتوسع في ذكر مسائل الخلاف، إلا أنهم يكثرون من نقل المأثور في التفسير . اقتصرت في هذا البحث على سورة البقرة ؛ لكثرة المسائل التي استدرك وتعقب فيها القرطبي على ابن عطية في تفسيره. اقتضت خطة البحث تقسيمه على تمهيد ومطلبين، تناولت في التمهيد تعريف الاستدراك والتعقب لغة واصطلاحاً ، وتناولت في المطلب الأول التعريف بالمفسرَين ومميزات تفسيريهما، وتناولت في المطلب الثاني المسائل التي استدرك وتعقب فيها القرطبي على ابن عطية، ثم خاتمة في أهم النتائج المستخلصة من البحث .