Open Access
شعرية اللغة السردية في رواية لا بحر في بيروت لـ ( غادة السمان)
Author(s) -
وفاء قحطان غافل الامارة
Publication year - 2022
Publication title -
mağallaẗ wāsiṭ li-l-ʿulūm al-insāniyyaẗ
Language(s) - Arabic
Resource type - Journals
eISSN - 2790-346X
pISSN - 1812-0512
DOI - 10.31185/.vol16.iss45.208
Subject(s) - political science
تُعد رواية (لا بحر في بيروت ) مجموعة قصصية مهمة في حقبة الثمانيات استطاعت غادة السمان من خلالها اجتياح وجدان القراء ، فهي واحدة من رواياتها الكاملة ككوابيس بيروت ، وسهرة تنكرية للموتى .
فرواية (لا بحر في بيروت ) تظهر النضج الادبي لغادة السمان ، بحكم أنها تنقل بطريقة واقعية وضعية المهجرين اللبنانين زمن الحرب الاهلية اللبنانية ، الرواية من ناحية الحجم رواية طويلة نوعاً ما من (164) صفحة وتحتوي علاوة على الرواية الاصلية المتمحورة حول لا بحر في بيروت رواية اخرى تنقل فيها غادة السمان على لسان شخوصات قصصهم الحبلى بالأسرار فيما بينهم وتناقض الاراء حول الغرب المتحضر من زاوية نظر المثقف المضطهد والمثقف (بسام) الغارق في حب الشهوات والفلسفة . والجميل ان الرواية سيقت بصورة جميلة واستباقية عن بعض المواضيع التي ستثيرها غادة السمان الفكرة المحورية التي تركزت عليها الرواية هي فكرة الهروب من الواقع ، من واقع لامعقول الى واقع اكثر لا معقولية ، من الواقع اللا معيشي الرديء الى السحر والمخدرات الشخصيات كلها بدون استثناء عربية تحكمها ثنائيات ثابتة – لاثابتة / محكومة بقيم .
فهي رواية تدور احداثها حول بسام الاستاذ الجامعي الغارق في كتبه الفلسفية وحب النساء ، المشغول بالشك بكل من حوله ، حتى بأخيه ، منجز سردي يتمتع بل ويضج بعذرية شعرية ، لغة شعرية متداخلة ضمن السرد وأركانه فغادة السمان في خطابها السردي باتكائه على لغة شعرية اكثر منها نثرية فاللغة الشعرية ملمح مهم على امتداد صفحات (لا بحر في بيروت) فهي تتجاوز القوالب الجاهزة والقوانين بنص ابداعي . فالادب بشكل عام إبداع يتم من خلال اللغة وما عن عملية تواصل تتم إلا عن طريق اللغة فالتفكير والمعرفة والعلم والتعلم يتم من خلال اللغة فرواية (لا بحر في بيروت ) تبدأ وكأنها شعراً منثوراً او شعراً منظوماً ، فالشعرية خاصية ذات علاقات متشعبة تنمو بين مكونات النص ، ذلك لأن ((كلا منها يمكن أن يقع في سياق آخر دون أن يكون شعراً ، لكنه في السياق الذي تنشأ فيه هذه العلاقات ، وفي حركته المتواشجة مع مكونات أخرى لها السمة الاساسية ذاتها يتحول الى فاعلية خلق للشعرية ، ومؤشر على وجودها ))(1)
تحاول غادة السّمان من خلال هذه الرواية أن تتجاوز القواعد السائدة والمبتذلة ، لتغير في لغة الرواية الى فضاء أوسع ، ولا نعني باللغة هنا كلمات النص المجردة بل ما وراء اللغة كينونة اللغة في حد ذاتها هو ما يهمنا ، فهذا الانحراف او الانزياح اللغوي ، يخرج النص من مجاله النفعي الى مسار جمالي وشعري وذلك لان الشعرية ، هي باستمرار علاقة جدلية بين الحضور والغياب الجماعي او الابداعي الفردي والذاكرة الشعرية(2) .
لغة غادة السمان لغة انزياحية أي خروج عن المألوف والمعتاد ، وهذا يضمن للمبدع التفرد وقوة الجذب ، فالانزياح اهم عناصر شعرية اللغة السردية ، فالالفاظ تكتسب دلالات أخرى تحقق الدهشة ، فتتحول اللغة من مجرد صمت مطلق الى كائن ناطق .